>> يتفق الكثير من اللسانيين في تقسيم اللسانيات إلى قسمين هما اللسانيات النظرية واللسانيات التطبيقية، فاللسانيات النظرية يندرج تحتها كل الدراسات الخاصة بوضع نظرية تفسر اللغة، ويبدأ تاريخها من فريديناند دي سوسير إلى نعوم تشومسكي، مرورا بتروبتسكوي، ورومان جاكبسون، وأندريه مارتيني، ولويس يلمسليف،وفيرث، وبلومفيلد، وزيلغهاريس.
أما اللسانيات التطبيقية فلها مسار تاريخي مختلف عن اللسانيات النظرية وإن كانت متداخلة معها في بعض المجالات، إذ تعتبر اللسانيات التطبيقية من العلوم الحديثة النشأة، وموضوعها كان ولا يزال غير واضح المعالم نتيجة وتداخله مع مصطلحات ومجالات أخرى. فما هي اللسانيات التطبيقية؟ وما مجالاتها؟
تعتبر اللسانيات ذلك العلم الذي يهتم بالدراسة العلمية للغات البشرية كافة من خلال الألسن الخاصة بكل قوم من الأقوام. وقد حدد دي سوسير موضوع اللسانيات أن موضوعها الصحيح والفريد، هو” دراسة اللغة في ذاتها ومن أجل ذاتها” (1)
ويقصد بذلك أن اللساني يدرس اللغة كما هي من أفواه ناطقيها، وليس له أن يغير من طبيعتها، وأن يدرسها دراسة موضوعية التي تستهدف الكشف عن حقائق اللغة، دون الحاجة إلى غرض من وراء هذه الدراسة، كأن يسعى إلى ترقية هذه اللغة أو تصحيح جوانبها وتعديلها، أو وضع قوانين وقواعد لهذه اللغة، غرض الباحث اللغوي هو وصف وتحليل اللغة فقط لا غير.
يتفق اللسانيون على تقسيم اللسانيات الحديثة الى قسمين رئيسيين هما اللسانيات النظرية (العامة) واللسانيات التطبيقية.
فعند الحديث عن تعريف اللسانيات يتبين لنا أنه يهدف إلى وضع نظرية في اللغة، نظرية تفسر لنا كيف تعمل اللغة، أي تهتم بدراسة الظاهرة اللغوية بجوانبها الشكلية والوظيفية بهدف تطوير مناهج علمية تتوصل الى عموميات تنتظم اللغات جميعا، ونظرا للطبيعة النظرية لهذا العلم أطلق عليه بعض الباحثين: اللسانيات النظرية .
أما اللسانيات التطبيقية الذي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية في الجامعات البريطانية سنة 1946 * حين صار موضوعا مستقلا في معهد تعليم اللغة الانجليزية بجامعة ميشيغان وكان تحت إشراف العالمين: تشارلز فريز، ورويرت لادو. وقد شرع هذا المعهد يصدر مجلته المشهورة “تعلم اللغة، مجلة اللسانيات التطبيقية”
وتأسس الاتحاد الدولي للسانيات التطبيقية سنة 1964، Language learning- journal of applied linguistics. وينتسب إليه أكثر من خمس وعشرين جمعية وطنية للسانيات التطبيقية في أنحاء العالم، حيث ينظم هذا الاتحاد مؤتمرا عالميا كل ثلاث سنوات تعرض فيه ا يجد من بحوث في مجالات هذا العلم.(2)
ويعرفه دافيد كريستال بأنه:” تطبيق نتائج المنهج اللغوي وأساليبه الفنية في التحليل والبحث في ميدان غير لغوي، ثم يعلق على التعريف قائلا: وعلم اللغة بهذا المعنى ما هو إلا وسيلة لغاية معينة أكثر منه غاية في ذاته”. (3)
وعرفه مازن الوعر بأنه علم يبحث بالتطبيقات الوظيفية البراغماتية التربوية للغة من اجل تعليمها وتعلمها للناطقين بها ولغير الناطقين بها ويبحث أيضا بالوسائل البيداغوجية المنهجية لتقنيات تعليم اللغات البشرية وتعلمها. (4)
فنجد أن هذا التعريف قد اقتصر على مجال تعليم اللغات، وقد تم اقتراح مصطلح آخر حتى يكون مقصورا على تعليم اللغة الأجنبية، حيث اقترح ولكنز WILKINS في اقتراح تسميته “الدراسة العلمية لتعليم اللغة الأجنبية”* أو اقتراح ماكاي MACKEY تسميته “علم تعليم اللغة”* أو دعوة بسولسكي SPOLSKY تسميته “علم اللغة التعليمي” وقد انتشر في ألمانيا مصطلح أخر هو “تعليم اللغة وبحث التعلم”(5)
إلا أن التعريف الشامل للسانيات التطبيقية: :بأنه عبارة عن استخدام منهج النظريات اللغوية ونتائجها في حل بعض المشكلات ذات الصلة باللغة، وذلك في ميادين غير لغوية وحقل هذا العلم شديد الاتساع يضم تعليم اللغات الأجنبية، أمراض الكلام، الترجمة، فن صناعة المعاجم، والأسلوبية وتعليم القراءة وغير ذلك