الحديث النبوي الشريف

شرح حديث إنما هي من أوساخ الناس

ورد في كتب الحديث الشريف أن عبدالمطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب: أنه جاء يسأل النبيَّ ﷺ في الإمرة على أعمال الصَّدقة، فقال له ﷺ: إنَّ الصدقة لا تنبغي لمحمدٍ، ولا لآل محمدٍ، إنما هي أوساخ الناس، وهذا المعنى جاء في عدَّة أحاديث عن النبيِّ ﷺ، كلها دالة على تحريم الصَّدقة على آل محمدٍ، وأنها لا تجوز لهم، وهم بنو هاشم، وآل محمد ذرية هاشم من عبدالمطلب: أولاد العباس وغيره، فكل مَن ينتهي نسبه إلى هاشم هم أهل البيت، فلا يجوز أن تُدفع إليهم الزكاة، قال الرسولُ ﷺ: إنَّها لا تنبغي لنا، إنما هي من أوساخ الناس.

ولما أخذ الحسنُ تمرةً من تمر الصَّدقة -وهو صغير ابن سبع سنين أو أقلَّ- أمره ﷺ أن يُلقيها، وقال: كخ، كخ، أما علمتَ أنها لا تحلّ لنا الصدقة، وهو صغير علَّمه النبيُّ ﷺ أن يتجنَّب ما يحرم على الكبار أيضًا، وهكذا يُعلَّم الصغيرُ الشيء الذي قد يقع فيه، فيُمنع عن شرب المسكرات، وعن السب والشتم، وعن غير ذلك مما حرَّم الله، حتى يعتاد الخير ويعيش عليه ويشبّ عليه.

والحديث الثاني حديث جبير بن مطعم: أنه أتى النبيَّ ﷺ وقال: يا رسول الله، إنَّك أعطيتَ بني المطلب من خُمس خيبر وتركنا، ونحن وهم شيءٌ واحدٌ، يعني: بني نوفل وبني عبد شمس، ومعه عثمان بن عفان، فقال ﷺ: إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيءٌ واحدٌ.

فجبير بن مطعم هو ابن عدي بن نوفل بن عبدالمطلب، وعثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، فبنو عبد شمس وبنو نوفل هم أبناء عمٍّ لبني هاشم وبني المطلب، ولهذا يقول أبو طالب في قصيدته:

جزى الله عنا عبد شمس ونوفل

عقوبة شرٍّ عاجل غير آجل

لأنَّهم كانوا ضدّ بني هاشم في الجاهلية، يُساعدون عليهم، وهم بنو عمِّهم، بخلاف بني المطلب، فإنهم مع بني هاشم، وأنصار لبني هاشم، ولهذا قال ﷺ: إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيءٌ واحدٌ، فلا ينبغي أن تطلبوا أن تكونوا مثلهم، وأنتم شيءٌ وهم شيء، فالعداوة لبني هاشم سابقًا والظلم لهم، فبنو طالب لهم حقٌّ من بيت المال؛ لما سبق من خدمتهم الحقّ، ومُساعدتهم لبني عبدالمطلب، ونصرهم ما جاء به الرسولُ ﷺ ضدّ بني عدي بن نوفل، وضد بني عبد شمس.

أما الزكاة فلا، الصواب أنهم لا يكونون مثلهم، قال بعضُ أهل العلم أنهم يُمنعون حتى في الزكاة، فلا يُعطى بنو المطلب شيئًا من الزكاة، والصواب لا؛ لأنهم ليسوا مثلهم في النَّسب، إنما يُعطون من الخمس فقط مثلهم، أما الزكاة فلا، تُباح لهم، وإنما يختص التحريم ببني هاشم الذين هم آل النبي ﷺ.

والحديث الثالث حديث أبي رافعٍ مولى النبيِّ ﷺ: لما أُريد أن يعمل في الزكاة ……… أبو سعيدٍ قال: حتى تُصيب من الزكاة، فقال له أبو رافع: حتى أستأذن النبيَّ ﷺ، فلما استأذنه قال له: مولى القوم من أنفسهم، وإنها لا تحلّ لنا الصَّدقة، فدلَّ على أنَّ موالي بني هاشم حكمهم حكمهم، لا يُعطون من الزكاة، ويُعطون من بيت المال من صدقة التطوع، أما الزكاة نفسها فلا.

لكن بعض أهل العلم أجازها للضَّرورة، فإذا اضطروا فلا حرج، كما يأكل الميتةَ عند الضَّرورة، وهي أحسن من الميتة، فإذا اضطروا جاز أن يُعطوا على الصَّحيح، أما إذا أغناهم الله ويسَّر أمرهم فلا يُعطون من الزكاة، وينبغي لهم أن يتعفَّفوا عنها ويحذروها ولا يتساهلوا، وعلى بيت المال أن يُساعدهم إذا كان في بيت المال قوة، فعلى بيت المال أن يُواسيهم ويُحسن إلى فقيرهم، فعل ذلك النبيُّ ﷺ مع بني هاشم وبني المطلب من الخُمُس.((من فتاوي العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله المرجع))

شرح حديث «إنما هي أوساخ الناس»

الحديث في صحيح الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس»  ، وإنما كانت الزكاة أوساخ الناس؛ لأن الناس يتطهرون بإخراجها، كما قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: 103]،

ليس لها علاقة بمستحقي الزكاة، بل هي مال طيب حلال بالنسبة لهم، لكن إخراجها تطييب وتطهير لما يمكن أن يشوب صاحبها أو عمله أو ماله من سوء، فلذلك منع منها النبي صلى الله عليه وسلم آل محمد، لكن ليس هذا فيه إزراء بالناس، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، يمنع آل النبي صلى الله عليه وسلم من أخذها صيانة لهم عن أن يقبلوا ما تطهر به الناس، وهذه مرتبة عليا، لكن هذا لا يعني أن من يأخذ الزكاة بحق فهو ناقص، فقد جعل الله من مصارف الزكاة الجهاد في سبيل الله، وهو من أفضل الأعمال، ومن مصارفها الغارم للإصلاح بين الناس ولو كان غنيًّا، وهو من خير الأعمال، قال الله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}  ، والمقصود أنه ليس صحيحًا أن إعطاء الزكاة لمن يستحقها تنقص له، ومن فهم بهذا المعنى فإنه لم يفهم مراد النبي صلى الله عليه وسلم.(( موقع الأستاذ الدكتور خالد المصلح المرجع)).

https://www.youtube.com/watch?v=UD5I-AaLg7I

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى