حول العالم

الخوف من كورونا مرتبط بعدم فهمه



رأى الباحث الفرنسي جوسلين رود أستاذ علم النفس الاجتماعي في معهد الدراسات العليا في الصحة العامة في مدينة رين الفرنسية، أن الخوف من وباء يرتبط بعدم وجود فهم واضح لمرض جديد أكثر مما هو ناجم عن عدد الوفيات التي يتسبب بها.

وجوسلين رود صاحب أطروحة حول ديناميكية إدراك المخاطر في ظل انتشار وباء.، سأل حول كيفية تفسيره لردود فعل الذعر، مثل التبضع الاحتراسي، التي واكبت انتشار فيروس كورونا المستجد؟

وقال “ما لاحظه علماء الأوبئة الأوائل في القرن الـ 19، أنه ليس هناك بالضرورة علاقة متناسبة بين عدد الوفيات والخوف الناجم عن المرض، الأمراض الجديدة التي تظهر بشكل دوري تثير الكثير من القلق حتى لو كان عدد ضحاياها قليلاً”.

وأضاف “من المفارقة أنه في بداية انتشار وباء، يكون السكان الأقرب إلى بؤرة الإصابات هم الأقل قلقاً، فكلما اعتاد الناس الخطر مع تسجيل إصابات مباشرة، تراجع قلقهم”.

وأضوح أن الخوف أقرب إلى استباق الأمور، ومع تنامي الاعتياد على المرض، يتراجع الخوف والسلوك غير المنطقي إلى حدّ أنه يتحتّم أحياناً إيقاظ إحساس الناس بالحاجة إلى الحماية، إذ يسجل تلاشٍ عامّ في التزام تدابير الحماية التي توصي بها السلطات العامة.

وتابع “بموزاة ذلك، يظهر لدى فئة ضئيلة من السكان سلوك من القلق، فيقوم البعض بالتبضع كجمع مخزون من ورق المراحيض في حين أنه ليس هناك أي مشكلة تموين، إنها ظاهرة النبوءة التي تحقق نفسها: ترقّب انقطاع المواد يولد بنفسه انقطاع المواد”.

وحول خشية الناس لفيروس كورونا المستجدّ أكثر من الإنفلونزا الموسمية؟، قال “نعرف منذ أواخر السبعينات أن هناك بشكل أساسي معيارين يحكمان طريقة فهمنا للمخاطر على صحتنا، المعيار الأول هو تصوّرنا للمعرفة حول المرض، فكلما بدا لنا المرض غير معروف، غير مفهوم، ازداد قلقنا حيال المخاطر”.

وأضاف “لكنّ هذا العامل يقابله عامل آخر هو تصوّرنا لإمكان السيطرة على هذا الخطر وضبطه، الوسائل التي تلقّينا توصيات في شأنها على مستوى النظافة الجسدية مثلاً هي وسائل لها قدر من الفاعلية الجماعية، لكنها على الصعيد الفردي ليست بمستوى الفاعلية ذاته كالتلقيح ضد الإنفلونزا الموسمية”.

كما سأل الباحث عن رأيه حول التدابير التي أعلنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أجل طمأنة المواطنين؟

فأجاب “على صعيد علم الأوبئة، إنها تستند إلى أساس صحيح تماماً، الهدف هو منع استنفاد قدرات النظام الصحي، والسماح بمعالجة الجميع في ظروف جيدة، الابتعاد الاجتماعي سيسمح لنا بإبطاء انتشار الفيروس بين السكان للسماح للنظام الصحي بالتجاوب بأفضل شكل ممكن، سوف ننشر مسار انتشار الفيروس على فترة زمنية أكبر”.

وأضاف “خوفي الوحيد هو في حال استمر انتشار الوباء في التسارع ألا نكون أطلقنا رصاصاتنا الأخيرة، ما الذي يمكننا القيام به بما يتخطى تفادي التجمعات أو اتخاذ تدابير تشكل حواجز؟ لم يعد لدينا ما نقترحه على السكان في المراحل المقبلة، في حال تسارعت الأمور”.

وأردف قائلاً “بالطبع، نعرف أن من الأفضل على الصعيد السياسي الذهاب نحو الحد الأقصى بدل الاكتفاء بالحد الأدنى، فكلما ساد إحساس بأننا نقلل من شأن مرض أو وباء وأن ما نقترحه على المواطنين غير كاف، واجهنا مشكلات أكبر على صعيد التعامل مع الأوبئة، لكن خطر الخيار الأقصى، هو أن يتنامى القلق لأن هذه التدابير لن تكون كافية لوقف زخم انتشار الوباء”.

وأشار إلى أن الوضع الذي نشهده اليوم كان عادياً بالنسبة لمجتمعاتنا حتى مطلع القرن العشرين، كانوا يواجهون بشكل منتظم جداً أوبئة ذات نسبة عالية من الوفيات، مثل الجدري والكولير،. كان هذا نصيب البشرية، ولا يزال كذلك في بعض الدول النامية.



مصدر الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى