منوعات

ولكن… آه من لكن

نقدم لكم في اشراق العالم التفاصيل عن ولكن… آه من لكن

ولكن… آه من لكن

في مقال قديم كتبه في بداية الثلاثينات من القرن الماضي الأديب السعودي الراحل محمد حسن عواد، وجاء فيه:
أيها الشرق الأقصى اختلف فيك المنقبون، إياك أعني وأنت أريد، الشرق الأدنى نهض وسعى وتقدم ونال حضارة لا يستهان بها، وسابق الغرب، أجل نهضت مصر فحازت مكانتها تحت الشمس، وحازتها في السياسة والأدب والاجتماع والعلم والصناعة والمدنية والفن والنبوغ… إلخ – انتهى.
ورغم المبالغة فإن في كلامه شيئاً من الصحة، رغم أن الرياح جرت فيما بعد بعكس الأماني، خصوصاً بعد قيام الثورة في مصر عام 1952.
نعود إلى مقال العواد، الذي كان صادقاً فيما يخص مصر في ذلك الوقت، غير أن دول الشرق الأقصى ابتداءً من الخمسينات والستينات نهضت وانطلقت، فيما بقيت مصر تراوح في مكانها، بل وترجع للخلف، ولم تكن تتغذى للأسف إلا على الشعارات.
هناك أسباب كثيرة لعبت دوراً في تلك (الإعاقة) – إن جاز التعبير – ولكنني أريد أن ألخصها في جانب واحد، ألا وهو: (التعليم).
كان طه حسين هو وزير المعارف في أوائل الخمسينات، وهو الذي اعتبر التعليم حقاً مشاعاً للجميع كالماء والهواء، وكان التعليم مجانياً في كل المراحل.
وفي كتابه الرائع (مستقبل الثقافة في مصر)، طرح توصياته بأن تكون ثقافة مصر في المستقبل ثقافة أوروبية خالصة، وأن تتأثر بأوروبا في غير تردد أو تلكؤ، وكما أن الخديو إسماعيل كان يحلم بأن يجعل مصر قطعة من أوروبا، كذلك طه حسين كان يتوق إلى تحقيق ذلك الحلم على أسس فكرية وتربوية وثقافية راسخة.
أما بعد الثورة فقد تولى وزارة المعارف ضابط اسمه كمال الدين حسين، وأعلنوا خلالها مجانية التعليم زوراً وبهتاناً، لأنها في الأساس كانت مجانية غير أنهم في الحقيقة أطلقوا مجانية التعليم الجامعي دون ضوابط، فكان هذا القرار مشكلة على مصر.
كانوا في السابق لا يقبلون دخول الجامعة إلا لمن يحصلون على درجات عالية، والآخرون يتجهون إلى المعاهد المختلفة بجميع فروعها الصناعية والزراعية والمحاسبية والفنية والتطبيقية إلى آخره.
غير أنه بعد الثورة سُمح لمن تقل درجاتهم عن 50 في المائة بدخول الجامعات التي اكتظت بهم، ولم تكن هناك أماكن لاستيعابهم، ولا أساتذة ولا مدرجات كافية، وانحدر مستوى الجامعات.
تخيلوا لو أنهم ساروا وحققوا (رؤية) طه حسين في كتابه المشار إليه، فكيف يا ترى كان حال مصر الآن؟! ولكن آه من لكن.
نقلا عن الشرق الاوسط



المصدر: صحيفة المرصد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button