حول العالم

هل تنسف أمريكا نووي إيران عسكريا؟


أماني يماني – مكة المكرمة

يبدو أن طريقة الردع الأمريكي الحالية للبرنامج النووي الإيراني المرتكزة على العقوبات الاقتصادية لا تعجب كثيرين من المحللين، وتحتاج في رأيهم إلى إعادة نظر أو منهجية جديدة تساهم في الإسراع في تحقيق الأهداف الدولية بوقف استفزازات النظام الإرهابي الذي يحكم طهران.

المحللان بمركز الأمن والاستخبارات الأمريكي روبرت إينهورن وريتشارد نفيو، يتفقان على أن الولايات المتحدة تحتاج إلى استراتيجية جديدة لتقييد قدرات إيران النووية بشكل أكثر فاعلية، تعتمد على 3 مراحل: دبلوماسية، اقتصادية، عسكرية.

ويؤكدان أن النهج الحالي لإدارة ترمب لن يجد فرصة كبيرة للنجاح، وأن إعادة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة ليست حلا طويل الأجل، ويشددان على أن إبرام صفقة نووية مع إيران لن يتحقق بمجرد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء قبل تولي ترمب منصبه، وذلك بحسب تقرير مركز بروكنغز.

صفقة نووية جديدة

يقول روبرت إينهورن وريتشارد نفيو من مركز الأمن والاستخبارات «في القرن الحادي والعشرين، ومع مبادرة الحد من الأسلحة وعدم الانتشار، تحتاج الولايات المتحدة إلى متابعة الصفقة النووية المتجددة مع إيران، والبناء على الأساس المتين للأصل ومعالجة أوجه القصور فيها، ويجب أن تلعب الدبلوماسية دورا رئيسيا في هذا الجهد»، ويحتاج ذلك إلى خطوات واضحة منها:

– إصلاح العلاقات مع الأوروبيين وغيرهم من شركاء التفاوض الرئيسيين لإعادة بناء الدعم الدولي الواسع، للضغط على إيران للمجيء إلى طاولة المفاوضات وقبول قيود ذات معنى.

– التخلي عن مطالب الإدارة الحالية المفرطة لصالح موقف تفاوضي أكثر واقعية، يحافظ على إيران ويضع مسافة آمنة يمكن التحقق منها على عتبة الأسلحة النووية لفترة طويلة من الوقت، مع إظهار إيران استعدادها لقبول نتيجة تتوافق مع مصالح طهران المشروعة.

– السعي للتوصل إلى اتفاق جديد يركز على القضية النووية، مع القيام بنشاط وفعالية – وإن كان ذلك بشكل منفصل وبالتوازي – بتنفيذ استراتيجية واسعة للتصدي للأبعاد الأخرى للتحدي الإيراني، بما في ذلك أنشطتها الإقليمية العدوانية وبرنامجها الصاروخي.

– تحسين الحوافز التي ستقدم لإيران، سواء من حيث نطاقها وموثوقيتها لتقديم منافع متوقعة، من أجل إقناعها بقبول صفقة متجددة تتجاوز الاتفاق النووي الشامل الذي أبرم في 2015 من نواح مهمة، ولا سيما في شروط مدة القيود النووية.

– بذل كل جهد ممكن للحصول على دعم داخلي واسع في الولايات المتحدة لأي نتيجة تفاوضية جديدة لجعلها دائمة ومستدامة سياسيا، على الرغم من التحولات الرئاسية في واشنطن.

الدبلوماسية لا تكفي

ويرى المحللان أن الدبلوماسية وحدها لا تكفي، ويقولان «في حين أن الدبلوماسية يجب أن تحتل مركز الصدارة في الجهود الرامية إلى تقييد قدرات إيران النووية في المستقبل، فإنها وحدها ليست كافية، حيث وضعت حملة إدارة ترمب المناهضة لإيران ضغطا كبيرا على طهران، لكنها عززت أيضا معارضة طهران للمطالب الأمريكية».

ولتشجيع المفاوضات المثمرة وفي حالة فشل المفاوضات، سيتعين استكمال الدبلوماسية بأدوات سياسية أخرى لا تتطلب مشاركة إيران أو موافقتها، مثل العقوبات وتدابير مكافحة الانتشار والردع. ويمكن لهذه الأدوات السياسية الأكثر قسرية أن تعرقل وتثبط حركة إيران نحو عتبة الأسلحة النووية وتوفر حوافز لها للتفاوض بجدية، ولكن في النهاية، يجب أن يكون ضبط النفس النووي هو الخيار الإيراني، وأن يتم تدوينه على أفضل وجه في اتفاقية نووية مجددة.

12 مطلبا أمريكيا

كان منع إيران من امتلاك أسلحة نووية يمثل أولوية للأمن القومي الأمريكي لأكثر من ثلاثة عقود، وكانت الاتفاقية الشاملة التي اختتمتها إدارة أوباما في عام 2015، خطوة رئيسية نحو هذا الهدف، لكن إدارة ترمب عارضتها، مؤكدة أن الصفقة نفسها كانت معيبة وأنها فشلت في معالجة الجوانب الأخرى غير المقبولة للسلوك الإيراني.

وقرر الرئيس ترمب، المصمم على الوفاء بوعده في الحملة الانتخابية، في مايو 2018 الانسحاب من الصفقة النووية، وإعادة فرض العقوبات على إيران التي تم تعليقها بموجب الاتفاقية.

كانت إدارته تأمل في أن «حملتها القصوى للضغط» ستجبر طهران على قبول صفقة جديدة شاملة لا تحتوي فقط على قيود نووية أكثر صرامة من تلك الموجودة في JCPOA، ولكن أيضا على قرار لمجموعة واسعة من المخاوف الأمريكية بشأن أنشطة إيران، بما في ذلك دعمها للوكلاء الإقليميين، وأنشطتها في سوريا، وبرنامج الصواريخ. تم وضع مطالب الإدارة في قائمة طموحة للغاية تضم 12 متطلبا، حددها وزير الخارجية مايك بومبيو بعد فترة وجيزة من الانسحاب الأمريكي.

عرقلة الواردات الحساسة

جهود مكافحة الانتشار التي تقودها الولايات المتحدة من خلال استخدام ضوابط التصدير الوطنية والمتعددة الأطراف، ومنع عمليات النقل الفردية، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وغيرها من الأدوات لمنع حيازة المواد والمعدات والتكنولوجيا النووية، أعاقت وأبطأت سعي إيران نحو امتلاك أسلحة نووية حساسة، ولكن على مر السنين، تمكنت شبكة المشتريات غير المشروعة في إيران من العثور على نقاط ضعف في تلك الضوابط، والآن قامت طهران بتضمين العناصر الرئيسة لبرنامجها النووي.

إعاقة البرنامج النووي

باستخدام مجموعة متنوعة من الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، يمكن للولايات المتحدة وشركائها إعاقة البرنامج النووي الإيراني عن طريق تهديد طهران بشكل صريح أو ضمني بعواقب وخيمة إذا ما مضت في طريقها نحو الأسلحة النووية، وقد يحاولون تثبيط ثلاث مراحل تهديد متزايد للنشاط الإيراني.

الطريق إلى الأمام

كان قرار إدارة ترمب بالانسحاب من خطة العمل المشتركة لمكافحة الإرهاب بمثابة نكسة كبيرة لهدف تقييد قدرات إيران النووية في المستقبل، وإعادة فرض العقوبات الأمريكية البعيدة المدى والمطالب غير الواقعية لإعادة توجيه جوهرية للسلوك الإيراني لن تنتج عنها الصفقة الجديدة الشاملة التي تقول إنها تفضلها.

وبدلا من ذلك، شددت أفعالها من مقاومة إيران لمطالب الولايات المتحدة والتفاوض عبر الشركاء المحتملين للضغط على إيران لقبول قيود ذات معنى.

وسواء بقيت طهران في خطة العمل المشتركة أم لا، فإن منعها من تحقيق قدرة كبيرة لتخصيب اليورانيوم وتقليص وقت استهلالها إلى بضعة أسابيع سيظل هدفا مهما، ولكن للتغلب على المأزق بين واشنطن وطهران، ستحتاج الولايات المتحدة إلى إجراء تعديل نهجها، بما في ذلك عن طريق التئام الصدع مع الأوروبيين والشركاء المحتملين الآخرين، وإظهار قدر أكبر من المرونة في فرض العقوبات الأمريكية، والتخلي عن سياسة تغيير النظام، واعتماد أهداف تفاوضية واقعية تشير إلى استعداد إيران لقبول نتيجة تتوافق مع مصالحها.

مراحل التهديد للنشاط الإيراني:

نسف خطة العمل المشتركة

على الرغم من الانسحاب الأمريكي، من الواضح أن مصلحة الولايات المتحدة أن تستمر إيران في الالتزام بـJCPOA، ولكن بعد انسحابها، فإن إدارة ترمب بالكاد لديها القدرة على دعوة إيران للالتزام بالاتفاق النووي. وتقع هذه المهمة إلى حد كبير على شركاء أمريكا من فئة P5 + 1 «الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا»، وسعى الأوروبيون بشكل أساسي إلى استخدام الحوافز الإيجابية، على أمل أن تقنع اتفاقية إنستكس التجارية والأجهزة الأخرى الإيرانيين بأن البقاء في الاتفاق سيخدم مصالحهم الاقتصادية، ولكن الأوروبيين أشاروا أيضا إلى أن انسحاب إيران قد يؤدي إلى فرض عقوبات سريعة من قبل الأمم المتحدة، مما يجعل وضعها الاقتصادي أسوأ بكثير، ويجب أن يعززوا هذه الرسالة الرادعة.

تحديد الأعمال الاستفزازية

إذا قررت إيران رغم التحذيرات، مغادرة خطة العمل الشامل، يجب على الولايات المتحدة ودول أخرى محاولة تثبيط زيادة سريعة أو كبيرة في قدرات إيران النووية، فمن غير المرجح أن يكون تهديد العواقب السلبية الكبيرة لأي زيادة تتجاوز حدود الاتفاقية موثوقا وفعالا.

وبدلا من ذلك، يجب على الولايات المتحدة العمل مع آخرين، بما فيهم الأوروبيون والروس والصينيون، لتحديد الأعمال الإيرانية الاستفزازية بشكل خاص مثل استئناف التخصيب في منشأة فوردو، وتقليص التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما يثري 20% أو أكثر، والعودة إلى التصميم الأصلي لمفاعل آراك، أو الانخراط في الأنشطة المتعلقة بتطوير الأسلحة النووية، حيث إن مثل هذه الإجراءات قد يؤدي إلى رد فعل دولي قوي.

ردع عسكري

الإجراء الأكثر أهمية الذي ستحتاجه الولايات المتحدة وشركاؤها لردع إيران، هو استخدام طهران للبنية التحتية النووية لإنتاج اليورانيوم العالي التخصيب لصنع الأسلحة النووية. في حين أن الولايات المتحدة يجب أن تهدد بفرض عقوبات اقتصادية قاسية في حالة محاولة الاختراق على سبيل المثال، برنامج عقوبات ثانوية عالمية تستهدف أي صفقة مع إيران، فالتهديد بعواقب اقتصادية وخيمة قد لا يكون كافيا لردع إيران التي قاومت قرار الذهاب للأسلحة النووية، لذلك، يجب أن يعلن الرؤساء الأمريكيون أن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام القوة العسكرية، إذا لزم الأمر، لمنع إيران من إنتاج أسلحة نووية.

مكافحة الانتشار والردع

سيكون من الأفضل لإدارة ترمب إجراء هذه التعديلات، لأن الوضع قد يتدهور بشكل كبير في العامين المقبلين ما لم يتم التغلب على هذا المأزق، وستكون في وضع جيد وتجد دعما محليا واسعا في حال نجحت في كبح الشر الإيراني، لكن احتمال قيام الإدارة الحالية بعمل ما قد تعتبره تغييرات جوهرية في موقفها ضئيل للغاية، إذا كان الأمر كذلك، فإن مسؤولية إعادة القضية النووية الإيرانية إلى مسارها ستقع على عاتق الإدارة اللاحقة.

وعلى المدى القريب، فإن احتمالات إجراء مفاوضات مثمرة بشأن البرنامج النووي الإيراني ضئيلة. في هذه الظروف يجب اتباع الأدوات السياسية لتقييد قدرات إيران النووية التي لا تعتمد على مشاركة إيران أو موافقتها، بما في ذلك العقوبات وتدابير مكافحة الانتشار والردع.

وأثناء تنفيذ ذلك، وفي انتظار ظهور ظروف مواتية للمفاوضات، من المهم أن تبدأ الحكومات المهتمة والخبراء الخارجيون في التفكير في أسئلة مثل كيفية بدء المفاوضات ومحتويات اتفاق جديد، وكيفية الحصول على الدعم المحلي والدولي اللازم. ويأمل المؤلفون أن يسهم هذا التقرير في إنارة الطريق أمام إدارة ترمب للاستفادة من الأخطاء التي قد تحدث.



تجدر الإشارة بأن مصدر الخبر من
هنا وقد تم نقله أو التعديل عليه بواسطة فريق التحرير في إشراق العالم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى